الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ***
الشِّرْبُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ وَبِضَمِّهَا فِعْلُ الشَّارِبِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ مِنْ حَدِّ عَلِمَ وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ أَيْضًا وَيَكُونُ جَمْعُ شَارِبٍ أَيْضًا كَالصَّاحِبِ وَالصَّحْبِ وَالرَّاكِبُ وَالرَّكْبِ وَالشَّارِبَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُمْ أَصْحَابُ الشِّرْبِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَمْعُ شَارِبٍ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا يُقَالُ رُفْقَةُ شَارِبَةٌ.
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ {مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ مَا حَوْلَهَا أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ} أَيْ مَبْرَكًا لَهَا حَوْلَ الْمَاءِ يُقَالُ عَطَنَتْ عُطُونًا مِنْ حَدِّ ضَرَبَ أَيْ بَرَكَتْ حَوَالَيْ الْمَاءِ وَالْعَطَنُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَغَل كَاهَ وَالْمَاشِيَةُ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْخَيْلُ وَجَمْعُهَا الْمَوَاشِي.
وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا} الْحَرِيمُ الْحِمَى وَالْعَطَنُ فَسَّرْنَاهُ وَالنَّاضِحُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام {إذَا بَلَغَ الْوَادِي إلَى الْكَعْبَيْنِ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَحْبِسُوا عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ أَيْ كَعْبَيْ الرِّجْلَيْنِ} أَيْ إذَا كَانَ فِي الْوَادِي وَالنَّهْرِ مِنْ الْمَاءِ مَا يَصِلُ إلَى كَعْبَيْ الْإِنْسَانِ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِلُ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ مِنْ شَارِبَتِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى أَنْ يَسُدُّوهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَمْنَعُوهُ عَنْ شُرَكَائِهِمْ فَإِذَا قَلَّ وَلَمْ يَصِلْ إلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ فَلَهُمْ أَنْ يَسُدُّوهُ وَيَنْتَفِعُوا بِهِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَهْلُ أَسْفَلِ النَّهْرِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى حَتَّى يَرْوُوا أَيْ لَيْسَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى مَنْعُ الْمَاءِ عَنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفُوا شِرْبَهُمْ فَيَرْوُوا وَهُوَ كَقَوْلِ النَّبِيِّ عليه السلام {صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْقَطُوفِ أَمِيرٌ عَلَى الرَّكْبِ}
وَالْقَطُوفُ الْبَطِيءُ.
وَالرَّكْبُ أَصْحَابُ الْإِبِلِ فِي السَّفَرِ.
{وَقَالَ عليه السلام الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي الثَّلَاثِ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ} الْكَلَأُ الْعُشْبُ أَيْ لَهُمْ الشُّرْبُ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ وَالْحِيَاضِ الْمَمْلُوكَةِ وَالِاحْتِشَاشُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ وَالِاسْتِصْبَاحُ وَالِاصْطِلَاءُ بِنَارٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مَوْجُودَةٍ.
{وَعَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ نَقْعِ الْمَاءِ} النَّقْعُ مَحْبِسُ الْمَاءِ وَجَمْعُهُ أَنْقُعٍ وَمِنْهُ الْمَثَلُ إنَّهُ لَشَرَّابٌ بِأَنْقُعٍ وَقِيلَ هُوَ الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ اسْتَنْقَعَ الْمَاءُ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَيْ اجْتَمَعَ وَثَبَتَ وَقِيلَ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُنْقَعُ بِهِ أَيْ يُرْوَى يُقَالُ نَقَعَ أَيْ رَوَى مِنْ حَدِّ صَنَعَ.
وَعَنْ الْهَيْثَمِ أَنَّ قَوْمًا وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ فَأَبَوْا وَلَمْ يَفْعَلُوا وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعْطُوهُمْ دَلْوًا فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ إنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا كَادَتْ تَقَطَّعُ الْمَطَايَا جَمْعُ مَطِيَّةٍ وَهِيَ الرَّاحِلَةُ وَتَقَطَّعُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَأَصْلُهُ تَتَقَطَّعُ سَقَطَتْ إحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا كَمَا فِي قوله تعالى:{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} قَالَ فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ هَلَّا وَضَعْتُمْ فِيهِمْ السِّلَاحَ أَيْ هَلَّا قَاتَلْتُمُوهُمْ بِالسِّلَاحِ فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ لِلْعَامَّةِ فَمَنْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُ بِالسِّلَاحِ وَالدَّلْوُ إذَا كَانَ لِلْعَامَّةِ فَكَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مِلْكًا لِلْمَانِعِ فَلِلْمَمْنُوعِ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ {وَقَوْلُهُ عليه السلام لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ} مَا فَسَّرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُتَحَجِّرِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ حَقٌّ} هُوَ الَّذِي يَأْذَنُ لَهُ الإمام بِإِحْيَاءِ أَرْضٍ مَيِّتَةٍ أَيْ إصْلَاحِ أَرْضٍ لَا تَصْلُحُ لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَجْعَلُ حَوْلَ هَذِهِ الْأَرْضِ أَحْجَارًا يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا لِيَعْمُرَهَا أَوْ يَخُطَّ حَوْلَهَا خُطُوطًا يَحْجُرُ بِهَا مَنْ أَرَادَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهَا وَالِاشْتِغَالَ بِعِمَارَتِهَا وَيَغِيبُ مُدَّةً أَوْ يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْأَرْضِ وَتُتْرَكَ لَهُ فَإِذَا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَرَكَهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُ عِمَارَتَهَا فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَمْ يَكُنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا.
وَقَالَ عليه السلام {إنَّ عَادِيَّ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ} أَيْ الْقَدِيمُ مِنْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى عَادٍ وَهُمْ كَانُوا فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ.
{وَعَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَضَى فِي الشِّرَاجِ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ إذَا بَلَغَ الْكَعْبَيْنِ لَا يَحْبِسُهُ الْأَعْلَى عَنْ جَارِهِ} الشِّرَاجُ السَّوَاقِي وَهِيَ الْأَنْهَارُ الصِّغَارُ جَمْعُ شَرْجٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ وَقَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ هُوَ مَسِيلُ الْمَاءِ فِي الْحَرَّةِ وَالْحَرَّةُ بِالْفَارِسِيَّةِ سنكستان.
{وَقَالَ عليه السلام لَا تَمْنَعُوا الْمَاءَ مَخَافَةَ الْكَلَإِ} أَيْ لَا تَمْنَعُوا الْمَاءَ أَنْ يَدْخُلَ أَرَاضِيَكُمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْبُتَ الْعُشْبُ فَيَثْبُتَ لِلنَّاسِ فِيهِ حَقٌّ لِأَنَّهُ شُحٌّ وَهُوَ مَذْمُومٌ.
{وَقَالَ عليه السلام لَا تَمْنَعُوا عِبَادَ اللَّهِ مَاءً وَلَا كَلَأً وَلَا نَارًا فَإِنَّهُ مَتَاعٌ لِلْمُقْوِينَ وَقُوَّةٌ لِلْمُسْتَمْتِعَيْنِ} الْمُقْوُونَ هُمْ الْمُسَافِرُونَ يُقَالُ أَقْوَى أَيْ نَزَلَ بِالْقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ وَأَقْوَى أَيْ فَنِيَ زَادُهُ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ صِفَاتِ الْمُسَافِرِينَ وَالْمَتَاعُ مَا يُسْتَمْتَعُ بِهِ.
الْقَنَاةُ كاريز وَجَمْعُهَا قَنَوَاتٌ وَقُنِيٌّ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فُعُولٌ كَالْحُلِيِّ.
وَمَرَافِقُ الْأَرْضِ جَمْعُ مَرْفِقٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ لُغَتَانِ وَهُوَ مَا يُرْتَفَقُ بِهِ أَيْ يُنْتَفَعُ بِهِ.
وَسَكَرَ النَّهْرَ حَبَسَهُ مِنْ حَدِّ دَخَلَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالسِّكْرُ بِكَسْرِ السِّينِ مَا يُسْكَرُ بِهِ الْمَاءُ وَفَارِسِيَّتُهُ وَرَغِّ بُسْتُنَّ وَالسِّكْرُ بِالْكَسْرِ وَرَغِّ وَبَثَقَ السِّكْرَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ شَقَّهُ وَانْبِثَاقُهُ انْشِقَاقُهُ وَفَارِسِيَّتُهُ وَرَغِّ ربودن.
وَحَافَةُ النَّهْرِ جَانِبُهُ.
وَأَهْلُ الشَّفَةِ هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الشُّرْبِ بِشِفَاهِهِمْ وَسَقْيُ دَوَابِّهِمْ وَالِاسْتِقَاءُ بِالْأَوَانِي دُونَ سَقْيِ الْأَرَاضِي وَالشَّفَةُ وَاحِدَةُ الشِّفَاهِ وَأَصْلُهُ شَفَهَةٌ سَقَطَتْ الْهَاءُ تَخْفِيفًا وَتَصْغِيرُهَا شُفَيْهَةٌ عَلَى الْأَصْلِ.
وَالْبِرْكَةُ الْحَوْضُ وَجَمْعُهَا الْبِرَكُ.
وَإِذَا كَانَ لِقَوْمٍ كِوًى بِكَسْرِ الْكَافِ جَمْعُ كَوَّةٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَهِيَ مِفْتَحٌ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ.
وَفُوَّهَةُ النَّهْرِ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِتَشْدِيدِ الْوَاوِ رَأْسُهُ وَفَمُهُ.
نَزَّتْ أَرْضُهُ أَيْ صَارَتْ ذَاتَ نَزٍّ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ وَالنَّزُّ مَا تَحَلَّبَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ الْمَاءِ وَفَارِسِيَّتُهُ زهاب.
وَالْفُرَاتُ يَجْزُرُ عَنْ الْأَرْضِ الْعَظِيمَةِ فَيَصِلُهَا الرَّجُلُ بِأَرْضِهِ فَيَتَمَلَّكُهَا يَجْزُرُ أَيْ يَنْضُبُ عَنْهُ الْمَاءُ فَيَظْهَرُ وَجْهُ الْأَرْضِ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَهُوَ نَقِيضُ الْمَدِّ فَالْمَدُّ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ حَتَّى يَغْمُرَ السَّوَاحِلَ وَالْجَزْرُ نُقْصَانُهُ وَظُهُورُ مَا تَحْتَهُ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقَنْطِرَ فَمَ النَّهْرِ أَيْ يَجْعَلُ عَلَيْهِ قَنْطَرَةً.
وَلَوْ أَصْفَى أَمِيرُ خُرَاسَانَ شِرْبَ رَجُلٍ وَأَرْضَهُ وَأَقْطَعَهُ رَجُلًا قَوْلُهُ أَصْفَى شِرْبَ رَجُلٍ أَيْ أَخْلَصَهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْغَصْبِ لَكِنَّهُ أَظْرَفُ فِي الْعِبَارَةِ حَيْثُ لَمْ يُطْلِقْ لَفْظَةَ الْغَصْبِ عَلَى فِعْلِ الْأُمَرَاءِ وَلَهُ نَظَائِرُ ذَكَرْنَاهَا فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي أَمِيرِ خُرَاسَانَ لِأَنَّ أَمِيرَهُمْ كَانَ أَمِيرَ الْعِرَاقِ فَتَحَامَى عَنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَمِيرِ وِلَايَتِهِمْ لِئَلَّا يَلْحَقَهُ إنْكَارٌ مِنْهُمْ.
وَالْإِقْطَاعُ مِنْ السُّلْطَانِ رَجُلًا أَرْضًا هُوَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا وَتَخْصِيصُهُ بِهَا.
وَإِذَا سَقَى أَرْضَهُ وَمَحَزَهَا أَيْ سَيَّلَ فِيهَا مَاءً كَثِيرًا لِتَطِيبَ مِنْ حَدِّ صَنَعَ.
وَإِذَا أَحْرَقَ الْحَصَائِدَ جَمْعُ حَصِيدَةٍ وَهِيَ بَقَايَا قَوَائِمِ الزَّرْعِ بَعْدَمَا حُصِدَتْ أَعَالِيهَا وَالْحَصْدُ جَزُّ الزَّرْعِ مِنْ حَدِّ دَخَلَ.
وَلَوْ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْبَطِيحَةِ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ بَعْدَمَا حُصِدَتْ أَعَالِيهَا فَضَرَبَ الْمُسَنَّيَاتِ وَقَطَعَ الْقَصَبَ وَاسْتَخْرَجَ الْمَاءَ مَلَكَ ذَلِكَ قَالَ فِي مُجْمَلِ اللُّغَةِ الْبَطِيحَةُ وَالْأَبْطَحُ وَالْبَطْحَاءُ كُلُّ مَكَان مُتَّسِعٍ وَقَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ الْأَبْطَحُ مَسِيلٌ وَاسِعٌ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْبَطْحَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَطِيحَةَ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُؤَلِّفُ قُلْت وَبَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِلَّةِ مِنْ الْفُرَاتِ مَكَانٌ يُسَمَّى الْبَطِيحَةَ قَطَعْنَاهَا بِالسَّفِينَةِ وَفِيهَا قَصَبٌ كَثِيرٌ مُلْتَفٌّ وَلَا أَرَى مُحَمَّدًا رحمه الله إلَّا وَقَدْ عَنَاهَا بِعَيْنِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا فَإِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَجْمُوعَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَعْدُوهَا.
وَالْمَقْصَبَةُ مَوْضِعُ الْقَصْبَاءِ وَهِيَ جَمْعُ الْقَصَبَةِ.
وَإِذَا اتَّخَذَ شِرْعَةً عَلَى الْفُرَاتِ أَيْ مَوْضِعَ شُرُوعٍ فِي الْمَاءِ وَفَارِسِيَّتُهُ بايكاه.
وَإِذَا كَبَسَ الْبِئْرَ أَيْ طَمَّهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفَارِسِيَّتُهُ بياكند.
وَإِذَا تَشَاجَرَ الْقَوْمُ فِي الطَّرِيقِ أَيْ اخْتَلَفُوا وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} أَيْ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ.
قَوْمٌ لَهُمْ عَشْرُ بِسِتَّاتِ فَأَصْفَى الْأَمِيرُ بِسِتَّتَيْنِ أَصْلُهَا فَارِسِيَّةٌ وَهِيَ الْكِوَى الَّتِي فَسَّرْنَاهَا أَوْ نَحْوُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْأَشْرِبَةُ جَمْعُ الشَّرَابِ وَهُوَ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الشُّرْبُ بِالضَّمِّ وَهُوَ ابْتِلَاعُ مَا كَانَ مَائِعًا أَيْ ذَائِبًا وَيُرَادُ بِهِ الْمَسَائِلُ وَقَدْ شَرِبَ يَشْرَبُ شِرْبًا مِنْ حَدِّ عَلِمَ فَأَمَّا شَرَبَ يَشْرَبُ شَرْبًا مِنْ حَدِّ دَخَلَ فَمَعْنَاهُ فَهِمَ يُقَالُ فِي الْكَلَامِ اسْمَعْ ثُمَّ اشْرَبْ أَيْ افْهَمْ وَذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْأَشْرِبَةَ الْمُحَرَّمَةَ.
وَمِنْهَا الْخَمْرُ وَهِيَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ مَهْمُوزُ الْآخِرِ وَقَبْلَهُ يَاءٌ مُعْتَلَّةٌ وَفَارِسِيَّتُهُ خَامّ وَفِي اشْتِقَاقِ الْخَمْرِ كَلَامٌ قِيلَ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الْعَقْلَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ تُغَطِّيهِ وَمِنْهُ اخْتِمَارُ الْمَرْأَةِ بِخِمَارِهَا أَيْ تَغَطِّيهَا بِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ شَارِبَهَا يَخْمِرُ النَّاسَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ أَيْ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ سُمِّيَتْ بِهَا لِاخْتِمَارِهَا وَهُوَ إدْرَاكُهَا وَغَلَيَانُهَا وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تُرِكَتْ فَاخْتَمَرَتْ وَاخْتِمَارُهَا تَغَيُّرُ رِيحِهَا وَخُمْرَةُ الطِّيبِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَسْكِينِ الْمِيمِ وَخَمَرَتُهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمِيمِ رِيحُهُ وَقِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِك خَمِرَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ أَيْ خَفِيَ مِنْ حَدِّ عَلِمَ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ مَنْ سَكِرَ مِنْهَا خَفِيَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ وَقِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِك خَمَرَ الشَّهَادَةَ أَيْ كَتَمَهَا مِنْ حَدِّ دَخَلَ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تَكْتُمُ الْمَحَاسِنَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ الْخُمْرَةِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَهِيَ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْعَجِينِ وَيُسَمِّيهَا النَّاسُ الْخَمِيرَ وَهِيَ مَادَّتُهُ وَأَصْلُهُ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ أَيْ أَصْلُهَا كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ وَقِيلَ هِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَدِبُّ فِي الْخَمَرِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمِيمِ إذَا كَانَ يَسْتَخْفِي وَهُوَ مَا وَارَاك مِنْ جَرْفٍ وَشَجَرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الِاغْتِيَالِ وَالْخَمْرُ تَغْتَالُ الْعَقْلَ وَهُوَ الْإِهْلَاكُ عَلَى خَفَاءٍ وَقِيلَ هِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَامَرَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ أَيْ لَازَمَهُ فَلَمْ يَبْرَحْهُ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ شَرَعَ فِي شُرْبِهَا لَازَمَهَا وَقِيلَ هِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ دَاءٌ مُخَامِرٌ أَيْ مُخَالِطٌ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ مَنْ أَدْمَنَهَا خَالَطَهُ الْأَدْوَاءُ وَالْأَسْوَاءُ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَقَاوِيلَ.
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الْآيَةَ الْمَيْسِرُ ضَرْبٌ مِنْ الْقِمَارِ وَالْأَنْصَابُ جَمْعُ نَصْبٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَسْكِينِ الصَّادِ وَهُوَ مَا نُصِبَ فَعُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالنُّصُبُ بِضَمِّ النُّونِ وَالصَّادِ كَذَلِكَ وَالْأَزْلَامُ جَمْعُ زَلَمٍ بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ وَهِيَ السِّهَامُ الَّتِي كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا وَالرِّجْسُ النَّتِنُ وَهُوَ أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ يُسْتَقْذَرُ وَالنَّجِسُ بِالْكَسْرِ كَذَلِكَ وَهُوَ اتِّبَاعُ الرِّجْسِ عَلَى نَظْمِهِ فَإِذَا أَفْرَدُوهُ قَالُوا نَجَسٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الِاسْمُ فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ النَّعْتُ فَهُوَ نَجِسٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ.
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} فَالْعَدَاوَةُ مَصْدَرُ الْعَدُوِّ وَهُوَ الَّذِي يَعْدُو أَيْ يَظْلِمُ فِعْلًا وَالْبَغْضَاءُ هِيَ شِدَّةُ الْبُغْضِ وَهِيَ فِي الْقَلْبِ.
وَقَوْلُهُ وَيَصُدَّكُمْ أَيْ يَصْرِفَكُمْ وَالْمَصْدَرُ الصَّدُّ وَصَدَّ أَيْ أَعْرَضَ وَالْمَصْدَرُ الصُّدُودُ.
وَإِذَا قَذَفَ بِالزَّبَدِ وَسَكَنَ نَشِيشُهُ أَيْ غَلَيَانُهُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
وَالْبَاذِقُ الْمَطْبُوخُ أَدْنَى طَبْخَةٍ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بَاذّه.
وَالْمُنَصَّفُ الَّذِي طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ.
وَالْمُثَلَّثُ الَّذِي طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ.
{وَقَوْلُ النَّبِيِّ عليه السلام مَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ} الْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ مِكْيَالٌ يَسَعُ فِيهِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا.
وَفِي حَدِيثِ تَبُوكَ مَرَّ بِقَوْمٍ يَزْفِنُونَ الزَّفْنُ الرَّقْصُ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ شَكَوْا إلَيْهِ التُّخَمَةَ هِيَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ وَهِيَ مِنْ الْوَخَامَةِ وَأَصْلُهُ الْوَخَمَةُ بُنِيَتْ بِالتَّاءِ عَلَى الِاتِّخَامِ مِثْلُ قَوْلِك قَعَدَ تُجَاهَهُ وَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ وِجَاهٌ وَفَارِسِيَّتُهَا ناكوارد.
وَالْبُخْتُجُ الْمَطْبُوخُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ الَّتِي يَذْهَبُ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ ثُمَّ يُطْبَخُ أَدْنَى طَبْخَةٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَقْذِفَ بِالزَّبَدِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بُخْته.
وَيُسَمَّى الْجُمْهُورِيَّ مَنْسُوبًا إلَى جُمْهُورِ النَّاسِ وَهُوَ جُلُّهُمْ كَأَنَّهُ شَرَابٌ يَتَّخِذُهُ جُلُّ النَّاسِ.
وَيُسَمَّى الْحُمَيْدِيَّ وَلَعَلَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى حُمَيْدٍ رَجُلٍ مِنْ النَّاسِ اسْتَخْرَجَهُ وَاِتَّخَذَهُ.
وَالسَّكَرُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} هُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ وَيَقُولُ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ هُوَ خَمْرُ التَّمْرِ وَالسَّكَرُ فِي غَيْرِ هَذَا السُّكْرُ بِضَمِّ السِّينِ وَهُمَا مَصْدَرَا السَّكْرَانِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ.
وَالْفَضِيخُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ فَوْقِهَا شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْبُسْرِ الْمَفْضُوخِ أَيْ الْمَدْقُوقِ وَهُوَ أَنْ يُشْدَخَ الْبُسْرُ وَيُجْعَلَ فِي حُبٍّ وَيُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ حَتَّى يَنْتَقِلَ حَلَاوَتُهَا إلَى الْمَاءِ ثُمَّ يُتْرَكَ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَصِيرَ مُسْكِرًا.
الْبِتَعُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ نَبِيذُ الْعَسَلِ.
وَالْمِزْرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ نَبِيذُ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ أخسمه والسكركة كَذَلِكَ.
وَالْجِعَةُ نَبِيذُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بِكُنَى وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ. الطِّلَاءُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْمَدِّ هُوَ الْمُثَلَّثُ وَقِيلَ الْخَمْرُ وَالنَّبِيذُ مَا يُنْبَذُ فِيهِ أَيْ يُلْقَى تَمْرٌ أَوْ نَحْوُهُ وَيُتْرَكُ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ حَلَاوَتَهُ وَهُوَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ قَالَ سَقَانِي ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما شَرْبَةً مَا كُنْت أَهْتَدِي إلَى أَهْلِي فَغَدَوْت إلَيْهِ فَأَخْبَرْته بِذَلِكَ فَقَالَ مَا زِدْنَاك عَلَى عَجْوَةٍ وَزَبِيبٍ أَرَادَ أَنَّهُ سَكِرَ بِهِ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ عَقْلُهُ فَمَا اهْتَدَى إلَى أَهْلِهِ فَأَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ نَبِيذَ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَالْعَجْوَةُ ضَرْبٌ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ فَدَلَّ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ السَّكَرِ فَقَالَ هُوَ الْخَمْرُ لَيْسَ لَهَا كُنْيَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ السَّكَرَ هُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ وَهُوَ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ الْخَمْرُ لَيْسَ لَهَا كُنْيَةٌ أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُهَا فِي الْحُرْمَةِ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الِاسْمِ.
وَسُئِلَ عَنْ الْفَضِيخِ فَقَالَ ذَلِكَ الْفَضُوحُ قَدْ فَسَّرْنَا الْفَضِيخَ أَنَّهُ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْبُسْرِ الْمَدْقُوقِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ الْفَضُوحُ هَذَا بِحَاءٍ مُعَلَّمَةٍ بِعَلَامَةٍ تَحْتَهَا وَهُوَ مُبَالَغَةُ الْفَاضِحِ أَيْ يُسْكِرُهُ فَيَفْضَحُهُ وَيَهْتِكُ سِتْرَهُ وَيُزِيلُ عَدَالَتَهُ وَهَذَا فِيمَا لَمْ يُطْبَخْ مِنْهُ.
وَسُئِلَ عَنْ نَبِيذِ الزَّبِيبِ يُعَتَّقُ شَهْرًا فَقَالَ الْخَمْرَ أَحْيَيْتَهَا تَعْتِيقُ الْخَمْرِ تَرْكُهَا لِتَصِيرَ عَتِيقَةً أَيْ قَدِيمَةً شَدِيدَةً وَقَوْلُهُ الْخَمْرُ أَحْيَيْتَهَا أَيْ أَظْهَرْتَ صِفَةَ الْخَمْرِيَّةِ مِنْ الشِّدَّةِ وَالْإِسْكَارِ وَهَذَا فِيمَا لَمْ يُطْبَخْ مِنْهُ أَيْضًا.
{وَعَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ انْهَهُمْ عَنْ غُبَيْرَاءِ السَّكَرِ} الْغُبَيْرَاءُ نَبِيذُ الذُّرَةِ قَالَ ذَلِكَ فِي مُجْمَلِ اللُّغَةِ وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْغَرِيبَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ {إيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاءَ فَإِنَّهَا خَمْرُ الْعَالَمِ} إنَّهُ الشَّرَابُ مِنْ الذُّرَةِ وَهِيَ تَصْغِيرُ الْغَبْرَاءِ وَهِيَ تَأْنِيثُ الْأَغْبَرِ وَهُوَ الَّذِي لَوْنُهُ لَوْنُ الْغُبَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غُبَيْرَاءَ السَّكَرِ هُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ النِّيءِ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ عَلَى هَذَا اللَّوْنِ فَالْغُبَيْرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ إلَى السَّكَرِ هُوَ نَبِيذُ الذُّرَةِ.
{وَقَوْلُ النَّبِيِّ عليه السلام مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ} أَيْ بَلَغَ مِقْدَارَ الْحَدِّ مَا لَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ الْحَدِّ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ فَهُوَ مِنْ الْمُجَاوِزِينَ حَدَّ الشَّرْعِ.
وَعَنْ أُمِّ خِدَاشٍ أَنَّهَا قَالَتْ رَأَيْت عَلِيًّا رضي الله عنه يُخْرِجُ خُبْزًا مِنْ سَلَّةٍ وَيَصْطَبِغُ فِي خَلِّ خَمْرٍ فَيَأْكُلُهُ السَّلَّةُ وِعَاءٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْخُوصِ مَنْسُوجًا وَالِاصْطِبَاغُ الِائْتِدَامُ وَالصِّبْغُ بِكَسْرِ الصَّادِ الْإِدَامُ وَالصِّبَاغُ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ الشَّرَابِ الشَّدِيدِ مَا أَشْبَهَ هَذَا بِطِلَاءِ الْإِبِلِ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْمَدِّ وَهُوَ الْقَطِرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ الْجَرْبَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كُلُّ نَبِيذٍ يَفْسُدُ عِنْدَ إبَّانِهِ بِكَسْرِ الْأَلِفِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ عَلَى وَزْنِ فِعَّالٍ أَيْ وَقْتِهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها {أَنَّهَا قَالَتْ كُنْت أَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَسْتَمْرِهِ فَأَمَرَنِي فَأَلْقَيْت فِيهِ زَبِيبًا} أَنْبِذُ أَيْ أَتَّخِذُ نَبِيذًا فَلَمْ يَسْتَمِرَّهُ أَصْلُهُ فَلَمْ يَسْتَمْرِئْهُ بِالْهَمْزَةِ فَلُيِّنَتْ ثُمَّ حُذِفَتْ الْيَاءُ لِلْجَزْمِ بِلَمْ أَيْ لَمْ يَعُدَّهُ مَرِيئًا أَيْ سَائِغًا وَقَدْ مَرُءَ الطَّعَامُ أَيْ صَارَ مَرِيئًا مِنْ حَدِّ شَرُفَ وَأَمْرَأَنِي الطَّعَامُ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَيْ سَاغَ لِي.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ إنْسَانًا أَتَاهُ وَفِي بَطْنِهِ صَفَرٌ فَقَالَ وُصِفَ لِي السُّكْرُ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الصَّفْرُ اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبَطْنِ وَقَدْ صَفِرَ مِنْ حَدِّ عَلِمَ فَهُوَ صَفِرٌ وَصُفِرَ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَهُوَ مَصْفُورٌ وَقَوْلُهُ وُصِفَ لِي السُّكْرُ أَيْ ذُكِرَ لِي أَنَّ خَمْرَ التَّمْرِ تَنْفَعُ مِنْهُ فَقَالَ لَا شِفَاءَ فِي الْحَرَامِ.
وَقَوْلُهُ عليه السلام {كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا} أَيْ فُحْشًا يُقَال أَهْجَرَ أَيْ أَفْحَشَ وَهَجَرَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ أَيْ هَذَى وَرَدَّدَ الْكَلَامَ.
وَكُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ الدُّبَّاءُ الْقَرْعَةُ وَكَانَ يُنْبَذُ فِيهَا فَيَشْتَدُّ وَالْحَنْتَمُ جِرَارٌ خُضْرٌ كَانَتْ تُحْمَلُ إلَى الْمَدِينَةِ فِيهَا الْخَمْرُ وَالْمُزَفَّتُ هُوَ الْإِنَاءُ الْمَطْلِيُّ جَوْفُهُ بِالزِّفْتِ بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ الْقَيْرِ وَكَانَ يُنْبَذُ فِيهِ فَيَشْتَدُّ.
وَنَهَى عَنْ النَّقِيرِ أَيْضًا وَهُوَ أَصْلُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ جَوْفُهَا وَيُشْدَخُ فِيهَا الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ وَيُتْرَكُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَغْلِيَ وَالنَّقْرُ عَمَلُ النَّقَّارِ بِالْمِنْقَارِ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَفَارِسِيَّتُهُ مَلَطْيَةَ وبركندن وَقَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ النَّقِيرُ أَصْلُ خَشَبَةٍ تُنْقَرُ وَكَانُوا يَنْبِذُونَ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ فَيَشْتَدُّ وَقِيلَ كَانُوا يَحْمِلُونَ فِيهَا الْخُمُورَ وَيَقُولُونَ هِيَ أَنْبِذَةٌ وَكَانَتْ تُخْفَى عَلَى النَّاظِرِينَ فَنَهَاهُمْ عَنْ الشُّرْبِ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ لِئَلَّا يَلْبِسُوا وَيَجْعَلُوهَا فِي أَوَانٍ تَظْهَرُ فَلَا يُمْكِنُهُمْ شُرْبُ الْخُمُورِ بِتَأْوِيلِ الْأَنْبِذَةِ فَلَمَّا امْتَنَعُوا عَنْ شُرْبِ الْخُمُورِ أَطْلَقَ لَهُمْ جَعْلَهُمْ الْأَنْبِذَةَ فِيهَا إعْلَامًا أَنَّ الْأَنْبِذَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ.
وَقَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ إذَا رَابَكُمْ شَرَابُكُمْ أَيْ شَكَّكَكُمْ أَيْ أَوْقَعَ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ أَنَّهُ يُسْكِرُ أَوْ لَا يُسْكِرُ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ أَيْ صُبُّوا فِيهِ الْمَاءَ لِتَقِلَّ قُوَّتُهُ وَشِدَّتُهُ.
وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ نَقْعِ الزَّبِيبِ فِي الْمَاءِ فَتَخْرُجُ حَلَاوَتُهُ إلَيْهِ وَالْإِنْقَاعُ فرغار كُرِدْنَ وَالنَّقْعُ فرغار شِدَّن وَسَيَرُبُّ شِدَّن مِنْ حَدِّ صَنَعَ.
وَالشَّرَابُ الْبَحْتُ الصِّرْفُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه إنَّ أَوْلَادَكُمْ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ أَيْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَكُمْ فَلَا تَغْذُوهُمْ بِالْخَمْرِ أَيْ لَا تُرَبُّوهُمْ وَهُوَ مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَالْمَصْدَرُ مِنْ الْأَوَّلِ الْغِذَاءُ وَمِنْ الثَّانِي التَّرْبِيَةُ.
وَلَوْ دَاوَى دُبُرَ دَابَّتِهِ بِالْخَمْرِ يُقَال دَبِرَ ظَهْرُ الدَّابَّةِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ إذَا قَرَحَ.
وَلَوْ جَعَلَ فِي الْخَمْرِ السَّمَكَ وَالْمِلْحَ وَجَعَلَ ذَلِكَ مُرِّيًّا بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مَنْسُوبٌ إلَى الْمُرِّيِّ بِيَاءِ النِّسْبَةِ وَفَارِسِيَّتُهُ آبَ كَامِه.
وَرَاوِيَةُ الْخَمْرِ مُزَادَتُهَا.
وَإِنْفَحَةُ الْمَيْتَةِ بِكَسْرِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ وَفَارِسِيَّتُهَا بنيرمايه هِيَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ مُخَفَّفَةٌ وَيُقَالُ هِيَ فِي كِتَابِ اخْتِيَارُ فَصِيحِ الْكَلَامِ بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ وَهِيَ اللَّبَنُ الْأَصْفَرُ الَّذِي يَظْهَرُ بَعْدَ وِلَادَةِ الْعَنْزِ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْجُبْنُ يُصَبُّ اللَّبَنُ عَلَيْهِ وَالْجُبْنُ يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ.
وَفِي حَدِيث حَدِّ الشَّارِبِ اُحْثُوا عَلَى وَجْهِهِ التُّرَابَ أَيْ ارْمُوا وَهُوَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ جَمِيعًا يُقَالُ حَثَا يَحْثُو حَثْوًا وَحَثَى يَحْثِي حَثْيًا مِنْ حَدِّ دَخَلَ وَطَرِبَ جَمِيعًا.
ثُمَّ قَالَ بَكِّتُوهُ فَبَكَّتُوهُ هُوَ الِاسْتِقْبَالُ بِمَا يُكْرَهُ.
ضُرِبَ بِجَرِيدَتَيْنِ الْجَرِيدَةُ غُصْنُ النَّخْلِ.
الدَّوْرَقُ مِكْيَالُ الشَّرَابِ وَهَرَاقَ الْخَمْرَ يُهَرِيقهَا بِفَتْحِ الْهَاءِ هِرَاقَةً فَهُوَ مُهَرِيقٌ وَمُهَرَاقٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ فِيهِمَا أَيْ صَبَّهَا وَأَهْرَاقَهَا يُهَرِيقهَا إهْرَاقًا فَهُوَ مُهَرِيقٌ وَمُهْرَاقٌ بِتَسْكِينِ الْهَاءِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ.
|